مذكرات سرية لـ"الباز" تكشف أخطر أوراق الملف "الفلسطينى - الإسرائيلى"
كتب : الوطن الأربعاء 06-05-2015 11:28
الوثائق والمستندات التى حصلنا عليها من مكتبة أسامة الباز لا حصر لها، ومعظمها على درجة عالية من الأهمية والخطورة وتحمل تأشيرات من عينة «سرى للغاية» و«سرى جداً». استبعدنا منها ما يمس الأمن القومى وقمنا بـ«ضم» ما هو قابل للنشر -على خطورته- لمذكرات السياسى والدبلوماسى الكبير، ولأن الرجل كان مسئولاً عن «الملف الفلسطينى» لفترة طويلة ويمتلك عدداً هائلاً من الأوراق والمستندات والمراسلات.. سنبدأ بهذا الملف.
أولى أوراق الملف الفلسطينى وثيقة كتبها المستشار د. بدر عبدالعاطى، مدير إدارة شئون فلسطين، المتحدث باسم وزارة الخارجية حالياً، مكتوب فى أعلاها كلمة «فورى»، بتاريخ 12 مايو 2008 تتضمن معلومات عن الزيارة التى سيقوم بها مدير المخابرات العامة عمر سليمان إلى إسرائيل، جاء فيها: طأتشرف فيما يلى بعرض ما أفاد به السيد اللواء مدير إدارة إسرائيل بالمخابرات العامة حول زيارة الوزير عمر سليمان لإسرائيل اليوم 12 الحالى:
1- يلتقى الوزير عمر سليمان فى إسرائيل اليوم مع كل من أولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلى وقتها، وباراك، وزير الدفاع، وليفنى، وزيرة الخارجية، حيث يتركز الحديث على مسألة التهدئة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية فى قطاع غزة، وعرض تفاصيل الاقتراح المصرى الخاص بالتهدئة الذى وافق عليه ممثلو 14 فصيلاً فلسطينياً فى قطاع غزة، فضلاً عن تناول تداعيات التوصل لاتفاق تهدئة محتمل على ملفات أخرى تهم الأطراف المعنية كإطلاق سراح شاليط -المجند الإسرائيلى جلعاد شاليط الذى اختطفته «حماس»- وتشغيل المعابر وفك الحصار على غزة.
2- يواجه الجانب الإسرائيلى مأزقاً فيما يتعلق بالتعامل مع الاقتراح، فهو من ناحية لا يستطيع رفض الاقتراح بشكل مطلق باعتباره مقترحاً مصرياً، ومن ناحية أخرى فإن الأوضاع الداخلية الإسرائيلية (التحقيقات التى يواجهها أولمرت ورفض باراك التهدئة) تجعل من الصعوبة بمكان قبول إسرائيل بشكل كامل المقترح المصرى، ومن المرجح تعامل الحكومة الإسرائيلية بذكاء مع الاقتراح المصرى من خلال قبوله من حيث المبدأ مع ربط ذلك بعدة شروط تتعلق بوقف التهريب وضمان عدم استغلال «حماس» للتهدئة لإعادة بناء قدراتها العسكرية (لاحظ أن مصر وفقاً للوثيقة تتحدث عن أن إسرائيل تبحث عن حل يخرجها من الأزمة وأنها ستبحث عن حل ذكى حيث سيأتى الحل فى الوثيقة التالية وبيد فلسطينية!)
3- اتصالاً بما سبق قد يقدم الوزير عمر سليمان للجنة الإسرائيلية تطمينات -وليس ضمانات- تتعلق بوقف عمليات التهريب، وقد يشمل ذلك عدداً من الإجراءات أهمها عرض زيادة التعاون الاستخباراتى بين مصر وإسرائيل للقبض على المهربين، واستعداد مصر لعقد اجتماعات ثلاثية بحضور الجانب الأمريكى حول موضوع التهريب، أخذاً فى الاعتبار الرفض الإسرائيلى السابق لتشكيل لجنة ثلاثية دائمة «مصرية إسرائيلية أمريكية» حول موضوع التهريب، كما سيشير الوزير إلى تأخر وصول المساعدات الأمريكية المتفق عليها للكشف عن الأنفاق ومطلب زيادة عدد قوات حرس الحدود.
4- أن الاتهامات الإسرائيلية الخاصة بموضوع التهريب قد هدأت نسبياً فى الفترة الأخيرة، ومن هنا تقلصت حدة الانتقادات الأمريكية الموجهة لمصر، خاصة داخل الكونجرس، فى ضوء عدة اعتبارات أهمها:
أ- اقتناع الجانب الإسرائيلى بالخطوات والجهود العملية والجادة التى قامت بها مصر فى الفترة الأخيرة فى مواجهة ظاهرة التهريب.
ب - حرص الجانب المصرى على إبلاغ الجانب الإسرائيلى بكل تقدم إيجابى تم إحرازه على صعيد التهريب.
ج- أن الجانب الإسرائيلى -الذى يستخدم موضوع التهريب كورقة ضغط على الجانب المصرى عند اللزوم- قد استنفد استخدام هذه الورقة فى الوقت الراهن، ومن ثم فإنه قد يفضل إرجاء استخدامها لوقت آخر.
د- الأوضاع الإقليمية المتوترة فى المنطقة، خاصة بروز التهديد الإيرانى وزيادة نفوذ «حماس» وحزب الله فى غزة ولبنان، مما يتطلب عدم الضغط بكثافة على الجانب المصرى للحاجة إلى تعاونه فى الوقت الراهن.
5- أجرت المخابرات العامة أمس اتصالات مكثفة مع الجانب الإسرائيلى للضغط عليه لسرعة إدخال كميات من الوقود فى ظل توقف محطة كهرباء غزة عن العمل وإظلام مناطق واسعة من القطاع، حيث وعد الجانب الإسرائيلى باستئناف إدخال كميات من الوقود الصناعى والديزل وغاز الطهى صباح اليوم 12 الحالى (ضغوط المخابرات المصرية على إسرائيل لإدخال الغاز والوقود لغزة تنفى الاتهامات التى طالما تم توجيهها للنظام وقتها بإظلام غزة والضغط عليها).
6- حول زيارة الرئيس بوش لإسرائيل أعرب السيد اللواء عن تقديره بأن بوش سيعيد فى خطابه المرتقب أمام الكنيست الضمانات التى قدمتها الإدارة الأمريكية لرئيس الوزراء شارون فى أبريل عام 2004 فيما يتعلق بقضايا المستوطنات والحدود وحق العودة.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.
مدير شئون فلسطين
مستشار د. بدر عبدالعاطى
فى هذا اليوم 12 - 5 - 2008 قام الوزير عمر سليمان مدير المخابرات المصرية بزيارة تل أبيب ومارس كل الضغوط الممكنة حتى قبلت إسرائيل بالمقترح المصرى، وهو الأمر الذى كانت تخشاه مصر وترجح أن إسرائيل قد تبحث عن حل ذكى يخرجها من ورطة الموافقة على المقترح المصرى، لكن ما حدث بعد ذلك أخرج إسرائيل من الحرج، وهو ما تكشفه وثيقة أخرى كتب عليها أسامة الباز بخط يده سرى جداً وبجانبها هامش كتب فيه (الفلسطينيون يطلقون عدة صواريخ على مواقع إسرائيلية فى عسقلان عقب زيارة اللواء عمر سليمان) قبل أن يضع خطوطاً حمراء على سطورها. الوثيقة تحمل رقم 826 بتاريخ 15- 5 - 2008 من إدارة شئون فلسطين أرسلها مديرها بدر عبدالعاطى لوزير الخارجية يكشف فيها ما أفاد به مدير إدارة إسرائيل بالمخابرات العامة قائلاً:
1- أن سقوط صاروخ فلسطينى أمس على مدينة عسقلان، فضلاً عن إطلاق عدد من الصواريخ اليوم على جنوب إسرائيل، يأتى فى توقيت سيئ للغاية بعد زيارة الوزير عمر سليمان الأخيرة إلى إسرائيل، وقبول الأخيرة المقترح المصرى حول التهدئة، حيث يلقى سقوط هذه الصواريخ بظلاله السلبية على الزيارة وما حققته من نتائج إيجابية، كما أن سقوط صاروخ آخر على منطقة سكنية مأهولة سيعجل بقيام إسرائيل بعملية عسكرية واسعة ينسف معها جهود التهدئة المصرية.
2- فى تقدير الجهاز (المخابرات العامة) أن تصعيد بعض الفصائل الفلسطينية الأخيرة المنفلتة وغير المسئولة بإطلاق صواريخ على جنوب إسرائيل قد يكون مرتبطاً إما بمحاولة أطراف إقليمية، وتحديداً إيران، لتصعيد الموقف فى قطاع غزة وتخريب الجهود المصرية لتحقيق التهدئة، أو العمل على تكثيف الضغوط على كافة الأطراف بما فيها إسرائيل ومصر لتسريع موضوع التهدئة.
3- رغم هذه التداعيات السلبية لسقوط الصواريخ فإن مصر ليس أمامها سوى الاستمرار فى جهودها للتهدئة وأنها وجهت الدعوة لوفد «حماس» للحضور إلى القاهرة يوم الأحد الموافق 18 الحالى لبحث المطالب الإسرائيلية المرتبطة بموضوع التهدئة، خاصة الحصول على تعهدات «حماس» بإبداء المرونة فى صفقة الجندى شاليط ووقف كافة أعمال التهريب عبر الأنفاق.
4- وعد السيد اللواء بموافاة وزارة الخارجية فى أقرب وقت ممكن بورقة تتضمن أفكاراً حول مساهمة مصر فى دعم قدرات الجانب الفلسطينى فى مجال الشرطة اتصالاً بترتيبات عقد مؤتمر برلين يوم 24 يونيو (مذكرة مكتب الوزير رقم 6008 بتاريخ اليوم 15 الجارى) علماً بأن الشئون تنسق أيضاً مع وزارة العدل لإعداد أفكار تتعلق بدعم قدرات الجانب الفلسطينى فى المجال القضائى أيضاً اتصالاً بمؤتمر برلين المذكور.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.